loading...
متن عربی
توحید کلایی بازدید : 11 چهارشنبه 17 اردیبهشت 1393 نظرات (0)

 

طروق البخور الشامي

الـحـجـر (مدائن صالح)

ثم تـخرج القوافـل من واحة العلا باتجاه الشمال الشرقي وعلى مسافة 15 كم تقريباً تنـزل بقرية (الحجر) ([1]) الواقعة شمال وادي القرى على مسافة يوم منه([2]). وتقوم في حوض رملي شاسع تحده المنحدرات الصخرية، ويحد هذه المنطقة من الغرب حرة العويرض([3]) ومن الشمال والشرق سهول منبسطة من الحجر الرملي تقطعها سلسلة من الخنادق والمنحدرات الصخرية والجبال الصغيرة والقمم الصخرية التي تشبه اصابع اليد([4]). وتقع الحجر وسط هذه الجبال المعروفة بـ(الأثالب) وهي جبال إذا رآها الرائي من بعيد ظنها متصلة، فإذا توسطها رأى كل قطعة منها منفردة بنفسها، وفي هذه الجبال نحتت ثمود بيوتـها قال تعالى:- )وكَانُوْا يَنْحِتُوْنَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِيْنَ( ([5])، وكانت القوافل تتزود بالماء من البئر المعروفة بـ(بئر ثمود)([6]) وهذا يعني أن مياهها كانت من الآبار ويؤيد ذلك ما عثر عليه المنقبون الآثاريون فيها من آبار أثرية مبطنة بالحجر([7]).

ويكشف المسح الأثري أن تاريخ الحجر يعود إلى عصور ما قبل التاريخ([8])، في حين يرى بعض الدارسين للنقوش المكتشفة في الحجر أن المدينة أنشئت في مطلع الألف الأول ق.م([9]). كما توصل الباحثون من خلال هذه النقوش إلى أنـها من الحواضر التي أنشأها المعينيون في شمال الحجاز على طريق البخور التجاري، وأنـها كانت تسمى بـ(هجر)([10])، وتدل النقوش المعينية التي عثر عليها المنقبون في الحجر ـ التي يرى العلماء أنـها دونت في القرن الثالث ق.م. ـ أن الاستقرار المعيني فيها قد تزامن مع الاستقرار المعيني في العلا([11]).

كما يرى الباحثون ان الاستقرار المعيني واللحياني سبق الظهور النبطي في هذه البلاد، وأنـها كانت تمثل أقصى نقطة امتداد لنفوذ الأنباط في الجنوب([12]).

وكانت الحجر من الحواضر العربية التي مرت بـها حملة (اليوس جاليوس) على اليمن، حيث وردت في جغرافية سترابو ونعتها بـ( (Egra أو ((Hegra ([13])، وفي الحقيقة أنـها لم تكن أول إشارة للحجر في المصادر اليونانية إذ ذكرها المؤرخ اليوناني بطليموس في القرن الخامس ق.م. ([14]). وفي ظل مملكة الأنباط كانت الحجر من أهم الحواضر التجارية على طريق البخور التجاري([15]).

البــــتراء

ثم تخرج القوافل من معين مصران وبعد مسيرة مرحلة تنـزل في البتراء([16]) التي كانت تعرف عند قدماء العرب باسم (سلع) ([17])، والسلع عند أهل اللغة: شق في الجبل كهيئة الصدع وجمعه أسلاع وسلوع ([18]) . قال ياقوت الحموي: الأسلاع طرق في الجبال يسمى الواحد منها سلعاً، وسلع: حصن بوادي موسى عليه السلام جنوب بيت المقدس([19]).

ولقد توافرت في موقع البتراء عدة خصائص([20]) جعلت منها محطة مهمة على طريق البخور التجاري لاسيما وأنـها كانت غنية بالمياه من عين موسى، ويكثر فيها الزرع، فجذبت القوافل التجارية المارة بتلك المنطقة القاحلة، للراحة والتزود بالماء، ومن ثم أصبحت مركزاً خطيراً على طريق البخور التجاري والطرق الأخرى القادمة من الشرق والغرب ([21]).

ويرجع الباحثون نشأة هذه المدينة إلى عصور ما قبل التاريخ، أما في العصور التاريخية فقد نزلها الحوريون أو سكان الجبال حتى أخرجهم الأدوميون منها وحلوا محلهم وجعلوا من البتراء عاصمة لهم، وأصبحت من أشهر مدن العالم القديم([22]). ثم جاء الأنباط فطردوا الأدوميين واستولوا على بلادهم وعلى الجزء الشمالي الغربي كافة من الجزيرة العربية الذي كانت تمر فيه القوافل المحملة بالبخور، وأنشأوا دولتهم واتخذوا من البتراء عاصمة لهم، وبـهم ارتبط تاريخ البتراء أكثر من غيرهم، وازدهرت هذه المدينة في المدة ما بين القرن الرابع قبل الميلاد وبداية القرن الثاني الميلادي([23]).

وكان للبتراء دور هام في تجارة البخور بحكم موقعها الجغرافي، ويرى الهاشمي أنـها كانت تمثل نقطة النهاية لطريق البخور التجاري([24]) وفي الواقع أنـها كانت مفرقاً للطرق التجارية في تلك المنطقة، حيث يتفرع منها عدة طرق، أحدها يسير موازياً للبحر الميت نحو دمشق، ومنها إلى مدن الساحل الفينيقي، وفرع أخر يتجه إلى بلاد ما بين النهرين، أما الفرع الرئيسي فكان يتجه نحو ميناء (غزة) على ساحل البحر المتوسط مجمع السلع العربية([25]).

ويبدو أن البتراء كانت مخزناً عظيماً للبخور والسلع اليمانية الأخرى، ولذا نجد أن اليونـان عندما هاجموها سنة (312 ق.م) غنموا منها الكثير من اللبان والمر والفضة([26]).

ثم تعرضـت لهجمات الرومان الذين أطاحوا بالدولة النبطية في عام (106م) وألـحقوا الضرر بعاصمتهم البتراء، وحلت محلها مدينة (بصرى)([27])، ومع ذلك لم تفقد هذه المدينة مكانتها التجارية، إذ بقي الأنباط يمارسون التجارة وقيادة القوافل حتى القرن الرابع الميلادي([28]).


تبـــوك

وتبدأ القوافل مرحلة جديدة حينما تخرج من المحدثة وبعد مسيرة مرحلة تنـزل في تبوك([29]) وهي حاضرة في شمال غرب الجزيرة العربية بـها حصن ونخل وآبار عدة وعين ماء تسمى بـ(عين السكري) تنبع من جبل يحمل الاسم نفسه، لتسقي واحة من النخيل والأشجار، وكانت محطة تبوك تقع في منتصف الطريق بين المدينة والشام، بينها وبين المدينة اثنتي عشر مرحلة، وبينها وبين الحجر أربع مراحل وتقوم في موقع متوسط بين جبل شرورى في شرقيها وجبل حسمى في غربيها، وكان أصحاب الأيكة الذين بعث الله إليهم النبي شعيب عليه السلام في تبوك، ولم يكن شعيب منها وإنـما كان من مدين الواقعة على البحر الأحمر، على ست مراحل من تبـوك([30]) وما بين تبوك ومدين كانت تنـزل قبائل جذام ([31]) .

ويبدو أن هذه المنطقة قد شهدت استقراراً منذ القدم بسبب موقعها الجغرافي الحيوي، إذ كانت تقع في مكان هو أشبه بعنق الزجاجة على جهة الشمال الغربي من الجزيرة العربية، ففيها تتجمع الطرق الرئيسة القادمة من الاتجاهات كافة:- من الغرب طريق (مدين)، ومن الشرق والشمال الشرقي الطريق الذي يمر بـ(وادي السرحان)، ومن الشمال الغربي الطريق القادم من (بلاد الشام)، ومن الجنوب الطريق القادم من (بلاد اليمن والحجاز) هذا بالإضافة إلى بعض الطرق الصغيرة التي تنطلق إلى مختلف الاتجاهات([32]). ونظراً لموقعها الحساس على طريق البخور التجاري، فقد استغلها الأنباط في توسيع رقعة نفوذهم في المناطق الواقعة إلى الجنوب منها([33])، وكانت لبني عذرة من قضاعة ([34]).

 

آثار اليمن الاقتصادية على طريق البخور:

وفي بلاد الأنبـاط ازدهرت الصناعات لتلبي حاجة السلع التجارية القـادمة إليهم من بلاد اليمن ومـن ذلك صناعة الجرار الصغيرة المعدة لحفظ العطـور والمراهم والبلسم، التي كانت تصدر إلى الخارج في هذه الأوعية ([35]). وكان للفن اليمني القديم اثر واضح  على الصناعات النبطية ومن الشواهد على ذلك رسم الأنباط لأغصان العنب وعناقيـده على أوعيتهم الفخارية والتي كانت من مميزات الفن اليمني القديم([36]). وظهرت أوراق العنب والفاكهة الأخرى على المصوغات النبطية للزينة والزخرفة ([37]).

كما أن من الطبيعي أن تنشط جميع المحطات التجارية في الصناعات المعدنية التي تتطلبها تجارة القوافل .

وكان من تجار اليمن من يخرج إلى الأحياء العربية لبيع هذا النوع من العطور كما باعوه في مكة ليطيب به الناس موتاهم([38]). ويذكر الإخباريون إنه لما مات عبد المطلب بن هاشم طرحت عليه قريش المسك حتى ستره([39]). وعرف أهل المدينة العطور واشتروها لمناسباتـهم ومنها عطر الخلـوق([40])، كما تطيبوا بالمسك([41]). وانتشـرت العطـور في وادي القرى والحجر ولاسيما عطر الحنـوط([42])، كما انتشرت أنواع البخور والعطور في بلاد الأنباط([43])، ولأهميتها في حياة الأنبـاط الاقتصادية نقشوا على نقودهم صورة جمل وشجرة عطرية([44]). كما انتقلت العطـور إلى بلاد الشام فكان ملوكهم يضعون في مجالسهم صحاف الذهب والفضة ويسكبون فيها المسك والعنبر([45]). وتعد العطور والبخور من أغلى السلع التجارية في بلاد الشام([46]) .

ويبدو للباحث أن عملة الأنباط الفضية([47])، كانت مصنوعة من الفضة اليمانية المصدرة عبر طريق البخور، ولاسيما أن بلاد الأنباط تفتقر إلى مثل هذا المعدن .

كما أننا نعتبر أن المعارف الزراعية التي عرفها الأنباط واستخدموها هي ما كان قد توصل إليه أهل اليمن من تقنية وخبره في الحياة الزراعية([48]).

كما اعتمـدت البتراء في بقائـها على النشاط التجاري للعطور والبخور اليمانية([49])

ولذا نجد أن أسواق العرب التجارية كانت منتشرة على طول طريق البخور التجاري([50]) ومن هذه الأسواق سوق (العمدين) بنجران([51])، كما كانت هنالك أسواق دورية منتشرة على درب أسعد الكامل([52]). وكذا سوق عكاظ([53])، الذي يفترض أنه قام في مكان كان له نشاط تجاري، كما نشأت في مكة والمدينة أسواق يظهر من تسميتها أثـر القوافل اليمانية على هاتين المدينتين أكثر من غيرهما منها سوق العطارين وسـوق البزازين بمكة ([54])، وسوق حباشة في المدينة على اسم السوق اليمانية المشهورة والتي كان يرتادها أهل الحجاز للتجارة([55])، وسوق السلابين في مكة وفي المدينة، وفيهما كانت تباع الحبال والسلال المصنوعة من شجر الثمام المعروف باليمن([56])، وكذا في شمال الحجاز سوق (قرح) في وادي القرى([57])، وسوق العطور في البتراء([58]). وغيرها من الأسواق المحلية والموسمية([59]).



اطلاعات کاربری
  • فراموشی رمز عبور؟
  • آرشیو
    آمار سایت
  • کل مطالب : 1
  • کل نظرات : 0
  • افراد آنلاین : 1
  • تعداد اعضا : 0
  • آی پی امروز : 1
  • آی پی دیروز : 2
  • بازدید امروز : 2
  • باردید دیروز : 0
  • گوگل امروز : 0
  • گوگل دیروز : 0
  • بازدید هفته : 2
  • بازدید ماه : 6
  • بازدید سال : 18
  • بازدید کلی : 4,958